مواضيع رئيسية

تأثير تأخر الإنجاب على الزوجة

تأثير تأخر الإنجاب على الزوجة

 

تأثير تأخر الإنجاب على الزوجة

     المرأة العقيم ربما تكون لديها بعض الاضطرابات الانفعالية التي تؤخر الحمل، وتأخير الحمل يجعلها أكثر اضطراباً، وكلما طالت سنوات الانتظار للحمل كلما زاد اضطرابها وقلت فرص حملها، وهكذا تدخل في دائرة مغلقة تجعل فرص الحمل قليلة جداً وتحتم كسر هذه الدائرة وذلك بإعادة الاستقرار النفسي للمرأة إلى المستوى الصحي اللازم لهذه العملية الدقيقة.

وحين يستتب العقم تكون له آثار نفسية كثيرة على المرأة فهي تشعر بالدونية وبفقد الثقة في هويتها كأنثى لأنها غير قادرة على أداء مهمتها في الإنجاب وغير قادرة على أن تلبى نداء فطرتها في أن تصبح أماً، وأحياناً تشعر بالذنب تجاه زوجها خاصة إذا اعتقدت أنها السبب في حرمانه من أن يصبح أباً، وهذه المشاعر إذا تضخمت لديها فربما تدخل في طور الاكتئاب الذي يجعلها تبدو حزينة ومنعزلة وفاقدة للشهية وفاقدة للرغبة في أي شيء وكأن لسان حالها يقول ما معنى الأشياء إذا كنت قد حرمت أهم شيء في حياتي كأنثى، وبالتالي فإن أي شيء بديل يبدو تافهاً باهتاً.

وبعض النساء العقيمات تزداد لديهن الأنانية والنرجسية وتوجه مشاعرها نحو ذاتها فتهتم بنفسها اهتماماً زائداً، وتنتاب بعضهن رغبة جارفة في شراء الأشياء واقتنائها فتذهب للسوق كثيراً وتشترى ملابس وأحذية ومقتنيات لا تحتاجها، وكأنها تعوض فراغها الداخلي الهائل، وفى أحيان أخرى تصبح المرأة غاضبة وتوجه عدوانها نحو الزوج وتعتبره سبباً في شقائها إذ حرمها نعمة الإنجاب، أو توجه عدوانها نحو أهلها وكأنها تتهمهم بأنهم السبب في أنها جاءت إلى الحياة غير مؤهلة لدورها الأنثوي أو أن طريقتهم في التربية أثرت عليها فأصبحت عقيماً، وهى في هذه الحالة تدخل في صراعات كثيرة مع من حولها وتصبح سريعة الانفعال كثيرة الاشتباك لأتفه الأسباب، وربما تصبح متسلطة على زوجها وجيرانها وأهلها.

وهناك ما يسمى بصدمة العقم (Sterility Trauma)، وهى تحدث حين تتأكد المرأة من استحالة الحمل وهنا إما أن تزيد عدوانيتها أو تلجأ إلى الانسحاب والانطواء والاكتئاب، وكثير من النساء يلجأن إلى “الإنكار” كحيلة نفسية دفاعية فتدّعى حين سؤالها أنها لا تفكر إطلاقاً في موضوع الحمل ولا تتأثر به، وأن معاناتها الجسدية الحالية ليست لها أي علاقة بهذا الموضوع، وهؤلاء النساء غالباً ما يأتين للطبيب بشكاوى جسدية متكررة كالصداع وآلام الظهر وآلام المفاصل واضطرابات البطن أو التنفس وكلها أعراض (نفسجسمية) سببها محاولة إخفاء المشاعر السلبية الناتجة عن العقم فتظهر هذه المشاعر المكبوتة، في صورة اضطرابات جسدية فنرى المرأة تكثر من التردد على الأطباء وعمل الفحوصات الطبية.

والمرأة العقيم تجد راحة في الدخول بالفحوصات الطبية أو محاولات العلاج لأن ذلك أولا يشغلها عن المشكلة الكبرى التي لا تتحمل مواجهتها وثانياً يعطيها عذراً أمام الناس فلا يلومونها على تأخر حملها وثالثاً يثير اهتمام الزوج والأهل بها فتخف بذلك مشاعر النبذ والإهمال التي تشعر بها.

ويصاحب كل ذلك شعور بعدم الأمان والخوف من المستقبل مع احتمالات هجر الزوج لها وزواجه من أخرى، وهذا الشعور الدائم بالقلق وعدم الأمان والغيرة الشديدة من النساء الأخريات اللائي ينجبن ربما يؤدى إلى استمرار العقم أكثر وأكثر، فإذا حدث المحظور وتزوج الزوج وأنجب، فربما تحمل الزوجة العقيم وذلك يسبب تغير انفعالاتها بعد زواج زوجها، وهناك نماذج كثيرة لذلك أشهرها السيدة سارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام وقد كانت عقيماً لسنوات طويلة، ثم قامت بتزويج السيدة هاجر من زوجها وبعد أن ولدت السيدة هاجر حملت السيدة سارة مباشرة، وهذه النماذج تعتبر دليلاً قوياً على قوة العامل النفسي في حالات العقم.

وربما تشعر المرأة بأنها أصبحت قبيحة الشكل وتهمل مظهرها وتفقد الرغبة في العلاقة الزوجية وتراها غير ذات فائدة، وتفقد المعنى في بقية الأشياء، وهناك فريق من النساء يلجأن إلى التسامي برغبتهن في الحمل والأمومة فينخرطن في مجالات التدريس خاصة في رياض الأطفال أو التمريض أو كفالة الأيتام.

وحين تأتى المرأة العقيم للعلاج فإن أول خطوة هي مساعدتها على التعبير والتنفيس عن مشاعرها تجاه فقد القدرة على الإنجاب وعدم لومها على ذلك أو محاولة إخفاء هذه المشاعر لأي سبب من الأسباب، ثانياً رؤية الأمور بشكل موضوعي فإذا كان ثمة أمل في الحمل فلا بأس من استمرار المحاولات خاصة أن وسائل المساعدة قد تعددت في هذا المجال.

أما إذا كانت الظروف تقضى باستحالة الحمل فيجب مساعدة الزوجين على قبول هذا الأمر وإيجاد صيغة لحياتهما تكون مريحة للطرفين وتجعل لحياتهما معنى حتى في عدم وجود الحمل، فهناك الكثير من الأزواج الذين عاشوا سعداء وتجدد حبهم وإخلاصهم في مثل هذه الظروف.

وإذا كانت الزوجة قد أصابها القلق أو الاكتئاب أو الاضطرابات النفسجسمية فيجب إعطاء العلاج الطبي اللازم لهذه الحالات مع التأكيد للزوجين على أهمية العوامل النفسية في الصحة الإنجابية، وقد أثبتت كثير من الأبحاث حدوث الحمل بعد استقرار الحالة النفسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى